وليم سومرست موم، كاتب بريطاني معاصر، اشتهر بكثرة إنتاجه، وانتشار مؤلفاته التي لا يقل عددها عن ستين مؤلفا ما بين روايات مسرحية، وقصص، وكتب سياسية، ويمتاز بأنه كاتب واقعي، يستمد قصصه من الحياة، ومن ملاحظته للناس في أسفاره العديدة..
وهو يكره الحواشي والأوصاف، ويعمد إلى الوقائع مباشرة، ولد سومرست موم سنة 1874 وتعلم في مدرسة «الملك» بكانتربوري ورحل في نشأته إلى باريس فتعلم اللغة الفرنسية وأتقنها، ثم عاد يدرس في انجلترا، وبعدئذ انتقل إلى جامعة هيدلبرج بألمانيا، ثم سافر إلى إيطاليا وتعلم اللغة الإيطالية بمدينة فلورنسا.
وهكذا جمع في سني شبابه محصولا وافراً من المعارف والمعلومات وأتقن عدة لغات. وقد ألف أول رواية بعنوان «ليزا إف لمبث» وهو في الثالثة والعشرين من عمره، واستمد موضوعها من ملاحظاته وهو طالب طب يتدرب في أحد المستشفيات بلندن، حيث عرف الفقر ووقف على ظروف الفقراء. ومع أنه درس الطب، لم تجذبه مهنة الطب، كما لم تعجبه مهنة المحاماة من قبل، ومال إلى الأدب وحده، خصوصا بعد أن نجحت روايته الأولى نجاحا رائعا، وعدت من بدائع القصص الواقعي.
وكان أبوه وجده محاميين، وقد وصل أخوه اللورد موم إلى منصب وزير مالية بريطانيا، ولكن وليم سومرست آثر الأدب على كل منصب، وكل مهنة أخرى.
وبعد نجاح روايته الأولى شرع يؤلف للمسرح، غير أن مديري المسارح رفضوا رواياته الهزلية التي قدمها، حتى كاد ييأس من النجاح في هذا المجال، وإذا بهزلية تدعى «الليدي فردريك» يقبلها أحد المسارح فتنجح نجاحا منقطع النظير.
وتدور حوادثها حول شاب وقع في غرام حسناء أكبر منه سنا. ثم تلتها هزليات أخرى، فيها نقد للمجتمع، وقد نجحت كلها كذلك. وعندما نشبت الحرب الاولى عام 1914، دخل الخدمة الطبية العسكرية في فرنسا، ثم نقل إلى المخابرات البريطانية في انجلترا
وقد تأثرت صحته من العمل المتواصل فسافر إلى جزر جنوب مارا بأميركا، ووجد في تلك الجزر الهدوء الذي ينشده، وعاد بملاحظات وذكريات أعانته في تأليف روايته «القمر وستة بنسات» وتدور وقائعه في تلك الجزر ولكنه أوفد قبل أن يتم تلك الرواية في بعثة دبلوماسية إلى روسيا.
وهناك عاوده المرض، ورجع إلى انجلترا مريضا بذات الرئة، فدخل مصحا أمضى فيه عدة أشهر حتى عوفي من دائه.
وسرعان ما حفزه حب السفر إلى أن يبحر إلى الصين، وقد عاد منها بكتاب جديد.. وهكذا ظل على سفر دائم، يستمد منه موضوعات لقصص ينشرها بالمجلات الإنجليزية والأميركية أو يؤلف منها كتبا وروايات.
وقبل نشوب الحرب العظمى الأخيرة كان قد استقر في «فيللا» سماها «بورسك» عند رأس فرات بالقرب من مدينة نيس.
ولكن الألمان احتلوا فرنسا في عام 1940، فاضطر إلى الفرار في باخرة فحم حتى وصل إلى انجلترا، ثم لجأ إلى أميركا حيث استقر في مزرعة بولاية كارولينا الجنوبية، وهناك عاد إلى تأليف الكتب والروايات والقصص .
رحل موم عن الدنيا عام 1948 بعد اعتزال الكتابة لفترة طويلة.
رواية «قلب المرأة» أو كما سميت بالإنجليزية «القمر وستة بنسات» تعد من أصدق الروايات التي استطاع سومرست أن يحلل قلب المرأة ذلك لأن احداثها حقيقية من تجارب الكاتب، تدور احداثها في عدد كبير من المدن المشهورة مثال (لندن، باريس، تاهيتي)، يرويها الكاتب عندما كان يعيش في لندن،
حيث تعرف فيها إلى سيدة متوسطة السن أنيقة المظهر تحب الأدباء والفنانين وتقيم لهم العزائم وتدعوهم إلى حفلات الشاي تدعى «مسز إيمي ستريكلاند» كان لديها ابنان «روبرت وماري ستريكلاند» وبما أن سومرست كاتب معروف فكانت مسز ستريكلاند تدعوه إلى حضور الحفلات التي اعتادت إقامتها، في تلك الحفلات يتعرف إلى زوجها «مستر تشارلس ستريكلاند» وهو سمسار ضخم البنية،هادئ، قليل الكلام، ليست لديه اهتمامات أدبية كالتي لدى زوجته لكنه محب لعائلته.
في بداية الرواية يظن القارئ كما يظن سومرست أن هذه العائلة السعيدة هي العائلة المثالية في نظر الجميع، إلا أنه يتضح فيما بعد أن مستر ستريكلاند كانت لديه اهتمامات أخرى حيث يقرر هجر زوجته وعائلته والذهاب إلى باريس، اعتقد الجميع بما فيهم سومرست أن تشارلس هرب مع إحدى الراقصات، لذا تطلب مسز ستريكلاند من سومرست أن يلحق به إلى باريس ويقنعه بالعودة إلى عائلته وأنهم جميعا مستعدون لمسامحته. يقوم سومرست بالمهمة ويخيل له بادئ الأمر أنه سيعثر على ستريكلاند في فندق فاخر من الفنادق المشهورة في باريس، لكنه يستدل عبر شريك ستريكلاند القديم على فندق موحش، تعيس، ناء، زبائنه من المجرمين والفارين والمدمنين، ويجده في حالة يرثى لها من المظهر والمأكل والمسكن ويكتشف انه لا يوجد في الأمر امرأة، وان ستريكلاند أراد أن ينعزل ليمارس الرسم وأن قوة عجيبة سيطرت عليه وانه يحب أن يرسم ليحرر ذاته.
يزور سومرست أصدقاء له في باريس منهم «ديرك ستروف» وهو فنان ساذج محط سخرية الجميع، مستدير الوجه أحمر الخدود يشبه الموظفين أكثر من الفنانين، لديه زوجة محبة، هادئة وجميلة تدعى بلانش ستروف وهي انجليزية الأصل، يتعرف ستروف إلى ستريكلاند ويعجب برسمه ويتنبأ له بمستقبل باهر، عكس الفنانين والرسامين الذين كانوا يسخرون من رسومه لأنها لا تمت بصلة إلى قواعد الرسم. .
تشعر بلانش بانجذاب شديد وإعجاب لم تفهمه اتجاه ستريكلاند، فتكرهه وتحتقره وتطلب من زوجها عدم إحضاره لزيارتهم مرة أخرى، وفي إحدى المرات يمرض ستريكلاند مرضا كاد أن يميته لولا إسعاف ستروف له وإحضاره إلى منزله (أي منزل ستروف) بالرغم من معارضة بلانش، كان ستريكلاند بطبعه يحتقر ستروف ويكره الناس أجمعين وكان بالرغم من إحسان ستروف له وتمريضه في منزله إلا أنه عامل هذا الإحسان بسرقة قلب زوجته بلانش التي تقرر الرحيل مع ستريكلاند وهجر زوجها. بعد مدة من الوقت يهجر ستريكلاند بلانش، فهو لم يأت باريس بحثا عن الحب، ولم يكترث لأمر امرأة، فتحزن بلانش حزنا شديدا يقودها إلى الانتحار! .
يكمل ستريكلاند مسيرته الفنية وينتقل عبر المدن محاولا الوصول إلى تاهيتي ويتعرف إلى كابتن في مرسيليا يدعى «نيكولاس» كان مغامراً بطبعه فرافق ستريكلاند اتجها معا إلى تاهيتي وهناك يتعرفان إلى مسز جونسون وهي سيدة متقدمة في السن، صاحبة فندق يدعي «دي لافلير» في جزيرة تاهيتي،
كانت تساعد المحتاجين والعاطلين عن العمل وتطعمهم وتأويهم وكانوا يردون لها دينها لاحقا، استطاعت تلك السيدة أن تقنع ستريكلاند بالزواج من إحدى المحليات وهي فتاة في عمر الزهور تملك مزرعة صغيرة ومبلغا لا بأس به وتدعى «آتا». في المزرعة عاش ستريكلاند سعادة لم يشعر بها من قبل وهناك رسم عددا كبيرا من اللوحات وأصبح له طفلان، لكن مالبث ان أصابه الجذام واستدعت زوجته التاهيتية طبيبا يدعى «دكتور كوتراس» وقام هذا الأخير بدوره في معالجة ستريكلاند في أيامه الأخيرة، وظلت آتا تلازمه حتى فارق الحياة.
أما سومرست فكان بعيدا عن هذه الأحداث حيث لم ير ستريكلاند بعد حادثة بلانش بل تقصى عنه واتجه إلى تاهيتي ليراه، لكن ستريكلاند كان قد مات وأحرقت جثته بعد ذلك وأحرق معه الكوخ الذي شهد احتضاره فيه في أيامه الأخيرة بعدما فقد البصر ورسم فيه لوحات جدارية شبهها الدكتوركوتراس بأنها جنات لكنها أحرقت جميعا تنفيذا لرغبته قبل موته. بيعت بعض لوحاته بعد موته بثمن لم يحسب أحد أنها قد تباع بهذا السعر وعرف بأنه زعيم المجددين فنيا ولكنه مات حاملا معه أسراره الفنية إلى القبر.
الأحد 27 يناير 2019 - 4:08 من طرف نمر الحلاوي
» يـــارب
الإثنين 11 أبريل 2016 - 5:40 من طرف ندى
» ما الحب ؟؟
الإثنين 11 أبريل 2016 - 5:37 من طرف ندى
» السلام عليكم جميعا
الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 - 11:41 من طرف ندى
» ميلاد القائم عجل الله فرجه الشريف
الأربعاء 3 يونيو 2015 - 19:43 من طرف ندى
» كل عام واجروحي ابخير
الأربعاء 8 أبريل 2015 - 12:26 من طرف ندى
» أضــــــــحـــــى مــــــــبـــاركــــــ
الثلاثاء 7 أكتوبر 2014 - 2:40 من طرف كاظم الناصري
» مرحبااا
الثلاثاء 12 أغسطس 2014 - 23:17 من طرف حوراء العراقية
» عيد سعيد عليكم احبتي
الخميس 7 أغسطس 2014 - 1:05 من طرف ندى
» التوت الازرق
الجمعة 25 يوليو 2014 - 21:51 من طرف عاشِــقة الليل
» الكيوي
الجمعة 25 يوليو 2014 - 21:47 من طرف عاشِــقة الليل
» الفراولة
الجمعة 25 يوليو 2014 - 21:41 من طرف عاشِــقة الليل
» الكمون بالليمون
الخميس 24 يوليو 2014 - 5:50 من طرف عاشِــقة الليل
» أنها الدنيا
الخميس 24 يوليو 2014 - 5:49 من طرف عاشِــقة الليل
» جوزيه مورينيو
الأربعاء 23 يوليو 2014 - 6:59 من طرف عاشِــقة الليل